الخميس، 26 سبتمبر 2024

(أسفار الأجل) بقلم الأديبة د. حنان أبو زيد

من مُعلقاتي (أسفار الأجل)
٣٢ بيتاً. 
من ديواني الثالث (ترانيم الوجدان) 
بقلمي د. حنان أبو زيد 
*********************
لا تـسـلْ عـن الـعمرُ فـماضيَّ رحـلْ 
وحــاضـري أَنـقـاضُهُ وجــلٌ ومـلـلْ

وغــدِ هــذا، لــم يـكـن يـومـاً بـيدي
ربــمـا بـــه خــطـبٌ عـظـيـم جَـلـلْ 

وڪلُّ يـــومٍ انـقـضىَّ مـــن أيـامـي
رأيـته تـسلل أمام ناظري في عَجل

حـياتنا لـحظةٌ تطويها أسفار الأجلْ
لا.. لا تـسلْ ڪنتُ في خـريفي أَملْ

و ربـما ألـمٌ يـمحو الـضياء بـالشُعل
صـرت في يقظةٍ تُقربني من الأَزلْ 

وارتـشفت حبّي ڪ ارتشاف النحل
مـــن ثــغـر الـزهـر لـشـهده الـعـسلْ

فقد ڪنت يوماً فـي دنيايَ إشراق
تُـرى أيـعنيني هَـلَ ضياؤك أو أفلْ؟

لا أُبـالي أن يڪسوني ظُلمة طيفك
فظـلام الدنيـا معك على قلبي أطلْ

إِنَّ فــي قـلـبي حُـلـمٌ لـلحبِ ورُؤىَ 
مـتجسداً بِـنُبلِ فـارسٍ لـعمري بطلْ

فـهل الـحب قـد مات فينا و اندثر؟
أم الـوصلِ مـنه بـلغ حَـدهِ الخذل؟!

أم خـمرة عـينيكَ أثـملتني بـلا ثمل
وإنـعتقتُ مـن كـل ظـنوني بـالعذلْ

وارتـعاشـة الآمـال بـائسـةٍ مـدنفـةٍ¹
تـحت جُـنحِ الـليلِ مع فجرٍ بلا أمل

وصـرتُ ڪمن أماتهُ الحُبُّ وأضناهُ
ودمـعٌ يـرتوي الـيأس مـنه بـالعجلْ

وبـت أطـوف أطلالنا بحزن وشجن
لأرى طـيفك يـروي نبضاتي لم يزلْ

وانـسـاب الـوجـع مـن ريـح الجـوى
وشـوى الـقلـب بـين خـوفٍ و وجـلْ

وانـتـفضت الــروح لـتـعزي الـجسد
ورفـقاً حـملته لـتهون عـظيم الـعللْ

وقــد هــوىَّ فـوقهِ جـحيماً مـحرقاً
لا يُـنـيـرُ شـمـعـي إن لـــم يـشـتـعلْ

وأرى حـب مـعذبي يـنسلي بـالهزلْ
وهــواه بــات صريـعاً لـم يڪتمــلْ
 
فـ ڪلُّ مـا فـي الـحُبُ أريـجُ نِـعـم
ورواءُ فـي صـحـراء الـعمـر الـغَلَـل²

و وصـــال مـــن قـديـم هــذا الأزل
وانـفصالٌ عـن تـشقق تعاريج الزللْ

ڪلُّ أعـراف الخلائـق قـد سـطـروا  
ودونـوا فـي الـحُـبُ شـيءٌ مُـفتعـلْ
 
لڪـنـه الـضـيـاءُ والــهُـدىَّ لـلـضـال
وبــه الـمـلاك وحـيـاً قـد هـلَّ ونَـزَلْ

والـهـوى ســرٌ مــن أســرارُ الـجـوى
ويـفـعل الـحـبُ فـينا مـا قـد يـفعلْ

طَـهَّــرَ الـحـبَ قـلـوباً وحــرر غَــلَّلْ³
وجـنـبنا آثـامـاً وهـزم الـشر وقـتلْ
 
فـليذهب إذن لـيلُ الشقاءُ ويرتحل
ودعنا من سوء الدنيا وقولٌ مُبتذل

الــحـبُ وفـــاقٌ وخــصـامٌ وهــمـيٌ
واقـتـرابٍ وابـتـعادٍ طـويـل الأجَــلْ

أحــاديـثُ الـغـرامِ تـتـوالد لـلـوصل
يـعـانـقها الـصـمتُ، وتـقـرها الـمُـقلْ

فـحـسـبُنا فــي الـحـبُ أنَّــا نـلـتقــي
والأنـسـامِ تُـحـيي الـمـرأة والـرجُـل

وبـها حـلاوة الـبَوْحٌ وهـمس الـغـزلْ
وبـشـهـدِ الـرضـابِ الـشـفاةِ تـبـتهلْ

ولـــلأرواح حـنـيـنٌ دائــمٌ بـالـوصلْ
ولـلـقـلوب اشـتـيـاق دومــاً تـتَّـصلْ

فـهـيا انـعـموا بـالـحبُ ولـن تُـأثموا
فــأيُّ إثـمٍ لـحبيبٍ بـحبيبهُ وصـلْ؟

فـــلا حــيـاةً لـــلأرواح بـــلا جـسـد
فـقد شفّانا الوجدُ وأَمرضتنا الحِيَلْ.                 _________________
¹- مدنفة : مقتربة من الموت
²- الغَلَلْ : شدَّةُ العطش وحرارتُه
³- غَلَّلْ عُنُقَهُ أَوْ يَدَهُ : وَضَعَ فِيهَا الْغُلَّ ، الْقَيْدَ

ليست هناك تعليقات:

مشاركة مميزة

أَبنائي الأَعزاءُ شُكرًا.. بقلم الأديبة د. حنان أبو زيد

أَبنائي الأَعزاءُ شُكرًا...  لِـكُلِّ مـا قَـدَّمتُموهُ لَـنا مِن أَلمٍ وَعَناء شُـكرًا لِـجَرحِ قُـلوبِنا بِـجَحدٍ وسخاء وَلِـكُل ما نُلناه...