● رؤية شهرزادية ....
هى تواصل لرؤية شخصية نقدية وأدبية للتراث الأدبي العربي
هل بدأت الحكاية ....؟
أم ختمت بشوق وغاية ...!
أو هل للختام نهاية ... !
ام خيال قصة ورواية ..
يرددها الراوون في كل زاوية و حارة ..
وندمع معهم كل ليلة على حال الصبايا ..
أم لم تنتهي بعد فصول الرواية ...
هيا نتعرف معاً على قصة بطلة من روايات الحكاية
هى شهرزاد وألف ليلة وليلة ..
بها قصص لعاشقين بأحلام تفوق الخيال
تدمي الأعين وتفطر الفؤاد للوصال
رغمَ مافيها من سحرٍ وآلام وجمالَ
كونهم قاسوا وتعبوا ودونوا المقال
وجاهدوا حتى خلدهمُ التاريخُ ليكونا
ذكرى وعبرةً تتناقلها العصور و الأجيالَ
جيلاً بعدَ جيل لقصص يرويها الأشبال
والأجداد بالأسفار بدهور وليالٍ طوالَ ..
إنها حكايات ألف ليلة وليلة ..
وتقلب الأحوال .. من حال إلى حال
والأن نسرد المقال ...
● كتاب ألف ليلة وليلة ... ليس لهذا الكتاب كاتب .. أو لم يعرف لكتاب "ألف ليلة وليلة" كاتب معين ، ينسب جزماً إليه..
فهو في ذلك على نحو ما هي عليه مؤلفات كثيرة في العالم ، يحار الرأي العلمي في صحة إنسابها ،
كما يحار ،جاداً في حقيقة وجود بعض الذين تنسب إليهم تلك الروائع حتى أن المحققين يحارون في تعيين جنسية واضع "ألف ليلة وليلة" وفي هل يكون واحداً أم أكثر من واحد؟؟؟
مادام لا يعرف كاتب هذا الكتاب ،
ومادام الرأي الغالب إن حكايات "ألف ليلة وليلة" مأخوذة عن الهند ، وفارس ، ومصر ، وسوريا ، والعراق ، وأنها من الحكايات التي تتوالد في الشعب وتتناقلها الأجيال المتعاقبة،
صار من الرأي الراجح الذي يذهب إلى تجهيل زمان الوضع،
غير أن هناك عمل جمع ودون وتوفر عليه كتّاب من العرب....
ففي أي زمن حصل ذلك أو يرجح أنه كان؟؟!! على هذا ، أيضاً اختلاف بين أهل الرأي...
فمهما يكن من الأمر .... مما لا شك فيه أنه لم يخطر في بال راوون الحكايات التي جمعت في هذا الكتاب أنها ستجتمع يوماً في كتاب واحد ، وأنه سيكون لهذا الكتاب اسم ،
وأن اسمه سيكون "ألف ليلة وليلة" ....
حتى أن الذين نشطوا إلى جمع هذه الحكايات في مجموعة واحدة لم يطلقوا اسماً عليها...
على أنها اتخذت أول الأمر ميلاً من الناس إلى التسمية للتمييز وللتحديد – اسم "ألف خرافة" ، ثم صار اسمها :" ألف ليلة" ، قبل أن تعرف باسمها الأخير: "ألف ليلة وليلة" ...
فلماذا تبدل اسم الليلة باسم الخرافة ....!!!
ولماذا استقر اسم المجموعة على "ألف ليلة وليلة" ؟؟
لا أحد يستطيع الجواب على ذلك ..
بيد أن الذين كتبوا في سيرة المجموعة ، وأنشئوا لها القالب وعينوا الغاية من وضعها ، يشرحون في ما لا مزيد عليه من البساطة ،
لماذا اعتمدت "الليلة" في مكان "الخرافة" لتستقيم في روايتهم أسطورة شهرزاد..
أما قولهم :"ألف ليلة وليلة" بدلاً من قولهم :"ألف ليلة" إنما تسمية الكتاب بالاسم الذي ما برح يعرف به سواء أكان مأخوذاً عن الترك أم كان من وضع العرب فإن فيه الكثير من موسيقى اللفظ ، والكثير من التشويق والإغراء ، الإبهام والإيحاء ، والكثير من ميل الشرقيين إلى المبالغة
وتهيب العرب أمام العدد العديد وكل شيء شامخ . وهو لذلك جميل يعني ، وخير ما في أسماء الكتاب الجميل الذي يعني.
ومهما تكون النتائج التي بلغ الباحثون في معرفة حقيقة واضع هذا الكتاب،
فما لا مراء فيه أن كتاب "ألف ليلة وليلة" من نتاج مخيلة الشعوب الشرقية ، والآسيوية منها على الأخص ، فلا يستطيع أن يدعيه كاتب من كتّابهم ، ولا يستطيع أن يدعيه شعب من شعوبهم ،
إن هو مجموعة حكايات شعبية ولد بعضها في مخيلة الهنود ، وبعضها في مخيلة الفرس ، وبعضها في مخيلة العرب والمصريين ،
وكان ذلك من أقدم العصور إلى أن خطر في بال غاو أو حكّاء من العرب أن يجمع كل ذلك في كتاب ،
وما حدث بعده الغواة والحكّاؤون يزيدون عليه مع الأيام حتى عرف أخيراً في نص تعددت صيغه بتعدد المخطوطات التي نقلته إلينا..
وهو ما جعل أن يضم إلى "ألف ليلة وليلة" حكايات ليست في الأصل من "ألف ليلة وليلة" وإنما هي من جمع جامع ، وإدخال دخيل
ككتاب السندباد البحري .. وأسفار السندباد ،
وكتاب الملك وولده ..والوزراء السبعة والجارية،
وكتاب الملك جليعاد وابنه وردخان .. والوزير شمّاس ، ..
وكتاب الجارية تودد ، ..
وكتاب عجيب وغريب وسهيم الليل ،
وكتاب بلوقيا ، ..
وكتاب سيف الملوك وبديعة الجمال ... وغيرها.
وسواء أثبتت الأنساب الهندية ، والفارسية ، والعربية ، والمصرية ،
أم لم تثبت كلها أو بعضها فيلخص من كل هذه الاشارت التي حاولناها أعلاه:
إنه لا واضع معين لحكايات "ألف ليلة وليلة" ، وإن هي إلا مخيلات الشعوب الشرقية ...الآسيوية – المصرية
التي اشتركت جميعها في وضعها ،
ثم انبرى لها بالجمع والتدوين كتّاب من القاهرة ، وبغداد ، ودمشق ،
ومترجمون من حيثما كان ،
فجمعت في سفر واحد
فكان النواة الأولى لكتاب راحت تطرأ عليه زيادات في كل عصر ومصر ،
حتى تجمّع من كل هذا مؤلف تتشابه حكاياته ، وقصصه ، وأخباره ، وفصوله ، في كل مخطوطة وطبعة ، على فوارق ليست بذي بال ،
هو كتاب "ألف ليلة وليلة" .. ثم إن للهنود ، في هذا الكتاب ، ما للفرس فيه ، وما للعرب والمصريين ،
حكايات وأخباراً لو لم تكن من وضعهم لما قدر واضع الكتاب على وضعها لوفرة ما تختص بتصوير طباعهم ، وأحوال معيشتهم ، ولكثرة انطباعها بطابعهم الروحي والشخصي
•• ويبقى لشهرزاد الدور الأهم والأقوى والأكثر سحرًا وقوة وتأثيرًا في الليالي،
فقد اعتبرها النقاد وكتّاب الاستشراق الذين تأثروا بالليالي ..
رمز الشرف الجميل الساحر والبعيد المنال..
رمز الحكاية التي لا تنتهي..
المرأة القوية القادرة على تأجيل موتها وموت حكايتها التي تتجدد ليلة بعد ليلة..
لتبدأ بها الليالي، من قصة الملك شهريار الذي يعلم بخيانة زوجته له، فيأمر بقطع رأسها،
ونذر على نفسه أن يتزوج كل ليلة فتاة من مدينته، ويقطع رأسها في الصباح انتقامًا من كل جنس حواء ....
حتى أتى يوم، لم يجد فيه الملك من يتزوجها، فيعلم أن وزيره لديه ابنة نابغة اسمها شهرزاد، فقرر أن يتزوجها،
وتقبلت شهرزاد بذلك إنقاذًا لرأس والدها ولبنات جنسها،
وتطلب من أختها «دينازاد» أن تأتي إلى بيت الملك لتقص عليها، وعلى الملك قصة أخيرة قبل موتها في صباح ذلك اليوم،
فتفعل أختها ما طلبت منها..
ولقد قصّت عليهم شهرزاد قصة مشوقة لم تنهها،
وطلبت من الملك أن يبقيها حيّة لتقصّ عليه البقية في الليلة التالية..
وهكذا بدأت شهرزاد في سرد قصصها المترابطة بحيث تكمل كل قصة في الليلة التي تليها،
حتى وصلت إلى ألف ليلة وليلة..
بحيث أن الملك وقع في حبها وأنس إليها، وأبقاها زوجة له، وتاب عن قتل الفتيات،
واحتفلت مدينة الملك بذلك لمدة ثلاثة أيام..
لقد استطاعت شهرزاد من خلال أسلوبها القصصي الساحر،
وعالمها الأسطوري الأخاذ بكل المشاعر ،
المليء بالحكايات الجميلة والحوادث العجيبة، والقصص الممتعة والمغامرات الغريبة،
أن تعبر بالملك من رحلة جميلة إلى أخرى أجمل،
وجعلته مأخوذًا بصور الجمال الباهرة والأحداث المتداخلة،
والسرد العفوي أحياناً، مما أثّر في نفسيته وغيّرها من الحالة العدوانية الانتقامية إلى حالة العفو والسمو والعدل والانشراح.
صحيح أن شهرزاد لا تشغل في الليالي سوى موقع الراوية ..
ولكنها بقوة شخصيتها وأسلوبها،
وقبولها التحدي، كي تنقذ بنات جنسها من بطش الملك،
وهذا ما جعلها أثيرة ومحببة من قبل المستشرقين والباحثين والكتاب والأدباء الذين نهلوا من تراث ألف ليلة وليلة،
فقد اختاروها من بين مئات الشخصيات التي تزدحم بها «الليالي»..
و(( ألف ليلة وليلة)) مجموعة من الحكايات التي لم يتفق ، بعد ، أن اجتمع مثلها في كتاب واحد
لهذا العالم المجنون .. هذا العالم الصاخب
وهذا العالم المسحور يبدو لنا
في "ألف ليلة وليلة" ...
بألف لون ولون ... وألف نغم ونغم ..
وألف شكل وشكل... هذا العالم المسحور ، الصاخب ، المجنون ، العجيب الغريب ، كله يذهب ويأتي ، يهدأ ويتحرك ،
يصمت ويصرخ في "ألف ليلة وليلة"
على أروع ما يكون الذهاب والإياب ،
الهدوء والحركة ، والسكوت والصراخ ..
وهو حي في أصخب ما تكون الحياة ،
نابض بالخلق ، مثقل بالحكمة ، ممتع باللون والنغم ،
فيستحيل أن يكون من خلق عقل بشري واحد ، وخيال بشري واحد ،
لأنه يستحيل على العقل البشري الواحد ، أو الخيال البشري الواحد أن يتفتقا عن قدر ما يظهر في "ألف ليلة وليلة" من أشياء وأشياء ..
وقد يكون في هذا ما يرتفع ب "ألف ليلة وليلة" إلى مصارف الملحمات العالمية والروائع الإنسانية الخالدة.
•• ونأتي للخاتمة لنقول ..
أن أسلوب "ألف ليلة وليلة" هو حدّث....
فهل يضير أسلوب هذه الحكايات أن يكون أبداً ومن البداية إلى النهاية أسلوب الحكاية بالذات...؟؟؟!!
هل يضيره أن يكون مبسطاً سهلاً سلساً ..
وأن يكون مقعراً مجعداً متكلفاً فيه ،؟!!
هل يضيره أن يكون شعبياً من الشعب وللشعب ،
وألا يكون أرستقراطياً من الخاصة للخاصة..؟!! وهل يضيره أن يكون منوعاً :
رشيق هنا ، وبليد هناك ،
عبوس هنا ، وباسم هناك ،
وقور هنا ، وهمجي هناك ،
صحيح هنا ومتقلقل هناك ؟!!
وهل يضيره أن يتبسط بالوصف في مكان ،
وأن يكون واسع السرد في آخر ،
أن يغلف بالحكمة في مكان ، وأن يخف مع الصلف في آخر ،
وأن يتمهل عند الوقائع في مكان ، وأن يحمل على المتعة في آخر ،
أن يقف عند حد ما يعنيه في مكان ، وأن يحمّل فوق ما يعنيه في آخر ،
أن يقول ويفيد في مكان وأن ينشد ويوحي في آخر ؟!!
وهل يضيره أن يكون مرسلاً ومسجعاً ،
أن ينثر وينظم ويشعر ، أن يشتد ويلين ،
أن يعرب ويطلق وفق ما تجد الحاجة مكاناً لهذا النحو من الكتابة أو لذاك....؟؟!!
أسلوب الحكايات وكيف يجب أن تحكى ،
هذا هو أسلوب "ألف ليلة وليلة"..
وختمت الحكاية ....
وهل للختام نهاية ...
فلم ولن تنتهي بعد فصول الرواية ....
حنان أبوزيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق