الجمعة، 23 مارس 2018

عشقي والهاتف .... قصة قصيرة تكتبها حنان أبوزيد

استيقظت صباح يوم على صوت هاتفي 
انه حبيبي ...بل هو عشقي ...
صباح الخير حبيبتي
كيف حالك الأن
أحمد الله زوجي الحبيب
ماذا فعلتي بالعلاج 
الحمدلله لكنني لازلت متعبة
وأشتاقك... 
كيف صباحك أنت حبيبي
صباحي أنتِ حبيبتي
صمتت برهة من الوقت كي أسمع صوته أكثر وأكثر ..... وإذا بي أسمع صوت الصمت وأنفاسي فقط .....
ألو ... ألو ... ألو
ينقطع الخط ..... 
أحاول الاتصال به .. مراراً وتكراراً 
خمسة عشر مرة يعطي رنين ولا مجيب
ربما قد فصل الهاتف ... سوف أنتظر الى أن يذهب عمله .. من المؤكد سوف يتصل بي من أي هاتف آخر كي يطمئن عني .....
أنتظر ....ساعة ... ساعتان .. ثمانية والوقت يمر بطيئاً هو ذهب للعمل والأن موعد خروجه من عمله....ولا إتصال منه....
ربي .... هل حدث له مكروها ..
ربما وهو يهاتفني ويمر من الطريق ولم ينتبه كعادته...أتت سيارة مسرعة و...... لاااا لاااا ياااربي بعد عنه كل شر أو سوء .. قف أيها الشيطان بالوسوسة بعقلي .... ولكن .....
ليس من المعقول لحبيبي أن يسمع الرنين خمسة عشر مرة ولا يجيبني .. الا إذا قد حدث له مكروها بالفعل ..... 
يا الله ... كيف أطمئن عنه وأنا مقعدة مريضة بالمستشفى سجينة الجدران 
لا حول لي ولا قوة تمنيت تحطيم تلك الجدران وأن يكن لديّ جناحان أطير بهما لحبيبي كي أطمئن عنه .... 
نعم سوف أكرر اتصالي مرة اخرى ...
الجهاز مغلق .. غير متاح الأن 
أاه ياويلتي ... نعم حدث له مكروها 
يارب احفظه ...يارب لا تريني به سوءا
مرت الساعات كانها أيام ...
إلى أخر اليوم .. وأتى المساء ويليه الليل العاتم ....ولازال الجهاز مغلق
واللحظات تمر ثقيلة .. وزاد مرضي أضعافاً
والألم يأكل أحشائي ... 
وأنا لا حول لي ولا قوة ...
سوف أظل ساهرة ... نعم ...ثم بعد ذلك .. 
وماذا أفعل.. أين أذهب؟.. أنا وحيدة .. وهو كذلك.... ها أنا أقترب من الجنون .. 
وتغفو عيني مجبرة لدقائق .. ثم أصحو فزعة..
أجدني لازلت بعد منتصف الليل .. والليل طويل جدا ... يسير ببطء شديد كأنه سلحفاة تجوب الشاطئ ذهاباً وإياباً..
عقلي أصبح في غياب ربما لا يعمل ... 
إلى أن انشق نور النهار من عتمات الليل ... 
وقلبي أخذ ينبض ويزداد سرعة من القلق والخوف .. أن يصيبه مكروه ...
عاودت الاتصال ... لازال الجهاز مغلق ..
ربي .. أغيثني .. نعم هو حدث له مكروه .. أكيد حدث ذلك .. حبيبي مستحيل أن يتركني هكذا بإرادته وهو يعلم أني مريضة جداً .. ويعلم أيضا أني سوف أظل قلقة عليه إلى أن يطمئن روحي بسماعي صوته .. إذن هو حدث له مكروه ... 
لأنه لن يطيق بعادي هو عاشق روحي .. وأنا توأم روحه.... فغيابه قطعا بغير إرادته ....
أهمهم ربما أهذي ....
يا الله .. كيف أعيش دونه .. كيف يأتي يوماً ولا أسمع يوماً صوته بأذني ...  
إلى أن دقت الساعة الثامنة والنصف بصباح اليوم التالي .... ونفس موعد إتصاله كعادته كل يوم وهو ذاهب للعمل ...
فتشعرني روحي بأمرا ما سوف يحدث الأن ... ربما هو الأمل والاشتياق .... 
وإذا بهاتفي يرن رنيناً يرتعش له قلبي وينبض مسرعاً ... انتفض كأنه يقفز من بين ضلوعي.. ليرى من المتصل .. 
لأجده هو ...هو نعم هو ياربي ... اسمه هذا ... اسم حبيبي الذي أعشقه فهو من مكونات اسمي ورسمي وروحي .. نعم هو الذي يجعل روحي ترد لي من جديد.. ويعيد لي الحياة من جديد رغم مرضي وعلتي ...
أُسرع لأمسك بهاتفي ...
ألو حبيبي .. 
ليرد صباح الخير حبيبتي ... كيف حالك الأن ...  
أرد بلهفة ... ليس مهم (أنا) الأن .. 
تكلم واخبرني أنت بخير ؟ ... 
نعم بخير ....
حقا ... أنت بخير!... إذن ماذا حدث من أمس صباحاً بانقطاع اتصالك ..  واتصالي لك خمسة عشر مرة دون إجابة ولا رد... إلى صباح اليوم التالي.... 
ليرد ببرود وثلوج القطب الجنوبي والشمالي واليساري والرباعي....
(الهاتف قد فصل حبيبتي) ....
فصل... فصل... إمممم ....
نعم فصل ... وليكمل عذره المستحيل الصعب الذي حال دونه ودون اتصاله بي؛ 
وبعد قضاء يومي بالعمل ذهبت الى المنزل .. فلم أنتبه أشحن الهاتف .. 
حبيبي طول اليوم لم تنتبه لشحن هاتفك من أجل أعمالك .. وأصحابك وزوجتك المريضة التي تتركها وحيدة دونك... كل هذا ليس مهماً يجعلك تنتبه لشحن هاتفك الذي فصل ...
نعم ... نمت ...نمت... وماذا في ذلك...
أبداً .. لا شئ ...
وبالمساء قد نمت ...لاستيقظ .. واتصل بكِ كي أطمئن عنكِ .... 
هل تحسنتي الأن وماذا قالوا لكِ الدكاترة بالمستشفى للتحليل .. طمئنيني ...
أطمئنك!... وماذا يفرق الأن؟!...  
هل تقلق عليا حقا؟!.. هل تخيلت مدى معانات بمرضي؟!.... ومعاناتي في .... 
ليس مهم .... ليس مهم.. لا يفرق ... 
اذهب لعملك الأن ..وعش يومك ... 
حاضر ... كما تشائين ...
بالسلام ...  
بالسلام ....
واذا الهاتفين يغلقوا  يصمتوا .. كأن روحي ذهبت لعالم أخر ... أو أغلقت عليها الحياة وأحكمت قبضتها على أنفاسي ...
لأتنفس ببطء فلم أشعر بشهيق ولا زفير .. فقط شعرت بافتراقي للحياة لبرهة ...
ثم عاودت لأفتح عيني من تلك الغيبوبة المزعومة ... وهي غيبوبة عشقي الذي لا حدود له .... كان يجب أن يكون لهذا العشق حدود ... 
وسخرت من نفسي كثيراً... ولهول معاناتي ليلة كاملة ساهرة أذرف الدمع ظناً مني حدوث مكروهاً له ... 
يا ويحي ... يا ويحي ...
أضحك... أضحك الأن بصوتاً عالياً من خيبتي ..
ياإلهي كم أنا غبية في حبي له ...
هل كنت أحترق قلقاً وخوفاً عليه ... وهو لا يبالي... ولم يهتم بالسؤال حتى عني وحال مرضي الذي ينهش بأحشائي....
هل أنا لست حبيبته وزوجته وشريكة حياته..... كي أكون أولى أهتماماته ... خصوصا وأنا مريضة .. أكون ضعيفة وفي أشد الإحتياج لوجوده بجواري من أي وقت مضى ....
يا الله ... كم كنت غبية حقا .. أن أتوهم حبا واهتماما من قلب لا يعرف حب.. غير حب ذاته فقط .. طاوساً في رؤية نفسه...
فعلمت وأدركت مؤخراً... 
إن لم يكن معك في شدتك.... 
فلا حاجة له في مسرتك ....
وغاصت عيني بنوم عميق .... 
ليس لأجلي ولا راحة من ألمي ومرضي....  بل من أجل أنه مازال بخيراً
فبعد أن أغلقت سماعة الهاتف .. 
ظلت نغمات صوته تتراقص على أوتار مسامعي .. 
وفي غفلة مني .. تسللت إلى أطراف قلبي .. لتعلن من جديد اشتياقي إليه..
حنان أبوزيد

ليست هناك تعليقات:

مشاركة مميزة

أَبنائي الأَعزاءُ شُكرًا.. بقلم الأديبة د. حنان أبو زيد

أَبنائي الأَعزاءُ شُكرًا...  لِـكُلِّ مـا قَـدَّمتُموهُ لَـنا مِن أَلمٍ وَعَناء شُـكرًا لِـجَرحِ قُـلوبِنا بِـجَحدٍ وسخاء وَلِـكُل ما نُلناه...