الأربعاء، 6 يونيو 2018

رنة خُلخال.... بقلم حنان أبوزيد

تراقصت بالحلم على سطح القمر
تمايلت عبقاً وزهواً برفيقها الخُلخال

خلخالها يدندن ترانيم الألم والضجر
وخطواتها ممشوقة مختالةً على الرمال

بَرج حزنها وكحلت عينيها بدمعٍ ينهمر
وامتلأت بالسواد كسُهد لياليها الطوال

لا شيء يؤنس وحدتها غير الأرق والسهر 
وصوت رنات صديقها ووليفها الخُلخال

رقصت ألماً كعاصفة رياح مالت عود الشجر
ترنم خُلخالها لحناً يُبدد سكون الحال

العاذل ظنها ترقص طرباً، شغفاً، عشقاً،
وانما هي رقصت مشتعلةً كالجمر 
ولم يدرك أنها شهدت بكاء الناي في الموال

ولم يغني خلخالها إلا خوفاً وحزناً وقهر
وبزورق عطره تسبح بالأشجان للأطلال

ترنو فيمنحها شذاه ورحيق أنفاسه العطر
فتُحار بين اليقين والشك والخيال

وبين أمواج السنا تهيم كغريب السفر
ومشاعر تسري أحزاناً تنساب كالشلال

تبحر أستاف الزهور تردد لحنهِ عبر النهر
وسطرت تحفر على رمال شطآنهِ الأقوال

وأشرعة الرؤى تطوي ذكرى عشقها للشعر 
لملمت من بقايا الحروف نبض قلبها الرحال

تنسمت أريجاً كالنائمة في أحضان الزهر 
تحيطها رناته لتنساب بين خميلة وظلال

يهيم الحنين معها بمشارف خريف العمر
وعلى أنهار وضفاف الأغلال والسلسال

ترقص هائمة وقضت ظلام عمرها سهر
وكم امتطت جياد فكرها عزفاً بالخَيال

لتشدو بلحن قيثارة خلخالها وشد الوتر
بترنيمة الشوق الكامن بالروح والأوصال

ولم تزل تتذكر الأفراح والألام بالغدر
وكم تُركت وحيدة تدندن مُر الأحوال

تشكو قهر السنين المظلمات لنور القمر
وغدر أحباباً مازال ذكراهم في البال

لتمسح غمام أعينها بضياء مُباح كالبدر 
لتطرّزُ فوق غصن الليل صوت الآمال

أو كطفلةُ ترمي ببراءة حصاها بالبحر
لتسكن قصور السراب وأساطير الدلال

تتمدد واهمة لرناته رمال الصحر
كأنها تحصد الألحان وتحترف الجمال

تهوى التراب وتعشق الوطن وغصن الشجر
ومع هزّات رنينه تترنّم هوساً حيث مال

ورست ترنيمته العذراء كل مواني الخطر
وحلق خلخالها المنظوم الباسط بالمُحال

ألهب داخلها الحنين نثر القصيد البكر
وترتل لحن نوتاته الغيبية بالترحال

خلخالها يتمايل تناغّماً، كرقصات أمواج البحر
لتشكّل سحر اللحن المزيون بغرام الوصال

ولتتسم بالجمال الراقص وتنسج السحر
ويجترح التفننُ عزفاً على سُلّم الخُلخال

فما أشعلته برنين الحرف يختم السطر
وشاكست حتى خدّرت كل هذا الجمال

بأصالة الذكرى وصمود الروح بعمق الدهر
لتسمو بالحلم بعيداً عن أفئدة من صلصال

بمزيجٌ من بحة الحنين ونبض من حجر
لتنهض بجنون موسيقاه الحالمة بالخيال

تترنم بنثر الشعر لتخرج الصمت من الصخر
على لحدٍ من وثير برقصةٍ أخيرة ورنة خُلخال.
حنان أبوزيد

ليست هناك تعليقات:

مشاركة مميزة

أَبنائي الأَعزاءُ شُكرًا.. بقلم الأديبة د. حنان أبو زيد

أَبنائي الأَعزاءُ شُكرًا...  لِـكُلِّ مـا قَـدَّمتُموهُ لَـنا مِن أَلمٍ وَعَناء شُـكرًا لِـجَرحِ قُـلوبِنا بِـجَحدٍ وسخاء وَلِـكُل ما نُلناه...