خلاف
محمدمندور
=====
خلف المحطة القديمة
رصيف مكتظ بهم , جاءوا فرادى وجماعات من الجنوب , ملابس رثة , عمامات ملفوفة , أدوات هدم تحيطهم , لا يعبأون بحرارة شمس في صيف أو برودة الشتاء , يتسابقون نحو من يسألون عنهم يتهافتون من كل جانب يجذبونهم يطلبونهم في تذلل , يُنتقى بالإشارة من تصيبه عين الذي يريد , في أياديهم معاولهم يتابعون السير ورائه , من صبيحة يومهم يصعدون سلالم ستزول , يرفعون أسلحتهم يطرقون الجدران , يهدمون البنيان , يقتلعون الأسياخ , يجرون البوابات , حجارة تتراكم فوق بعضها , غبار يغطى وجوههم السمراء, عرق يلجمهم , يتبادلون أدوارهم ما بين نسف للقوائم , وحمل الركام , تفرقوا على موعد اللقاء , أقارب , جيران , أصدقاء , أصهار , ضمتهم قراهم في التعارف وتغلغل الأنساب , شدت بينهم خلافات تأججت من غيرة حمقاء , تنابزوا بالألقاب , الكل يحاول التدخل للإصلاح , لم يعيروا لأي أحد اهتمام , أعرضت أكتافهم رغم تقارب مواضع الجلوس والزحام , ينظرون في غضب إلى بعضهم في لوم دون إثارة للكلام , مرت سيارة تقودها فتاة يبدو عليها الترف , لوحت لأحدهم وكانت رأسه بين ذراعية فوثب حاملا معاشه إلى الباب , ربما خفق قلبها لمشهدهم واضعة في راحتيه مالا وانطلقت بخفة بلا تعقيب , من كانوا حوله يراقبونه والفضول يلح عليهم , وما إن نزل الضباب على رؤية حجبت إطارات مركبة عطفت صاحبتها عليه حتى نادى فيهم أيها الأحباب هلموا فأسرعوا إليه واقتسموا العطاء سويا وزال ماعكر صفوهم مع أول قطرة من السماء
محمدمندور
=====
خلف المحطة القديمة
رصيف مكتظ بهم , جاءوا فرادى وجماعات من الجنوب , ملابس رثة , عمامات ملفوفة , أدوات هدم تحيطهم , لا يعبأون بحرارة شمس في صيف أو برودة الشتاء , يتسابقون نحو من يسألون عنهم يتهافتون من كل جانب يجذبونهم يطلبونهم في تذلل , يُنتقى بالإشارة من تصيبه عين الذي يريد , في أياديهم معاولهم يتابعون السير ورائه , من صبيحة يومهم يصعدون سلالم ستزول , يرفعون أسلحتهم يطرقون الجدران , يهدمون البنيان , يقتلعون الأسياخ , يجرون البوابات , حجارة تتراكم فوق بعضها , غبار يغطى وجوههم السمراء, عرق يلجمهم , يتبادلون أدوارهم ما بين نسف للقوائم , وحمل الركام , تفرقوا على موعد اللقاء , أقارب , جيران , أصدقاء , أصهار , ضمتهم قراهم في التعارف وتغلغل الأنساب , شدت بينهم خلافات تأججت من غيرة حمقاء , تنابزوا بالألقاب , الكل يحاول التدخل للإصلاح , لم يعيروا لأي أحد اهتمام , أعرضت أكتافهم رغم تقارب مواضع الجلوس والزحام , ينظرون في غضب إلى بعضهم في لوم دون إثارة للكلام , مرت سيارة تقودها فتاة يبدو عليها الترف , لوحت لأحدهم وكانت رأسه بين ذراعية فوثب حاملا معاشه إلى الباب , ربما خفق قلبها لمشهدهم واضعة في راحتيه مالا وانطلقت بخفة بلا تعقيب , من كانوا حوله يراقبونه والفضول يلح عليهم , وما إن نزل الضباب على رؤية حجبت إطارات مركبة عطفت صاحبتها عليه حتى نادى فيهم أيها الأحباب هلموا فأسرعوا إليه واقتسموا العطاء سويا وزال ماعكر صفوهم مع أول قطرة من السماء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق