فجلست أتذكر ما مضى من العمر، والذين كانوا بجانبنا يوماً ورحلوا عنا، فتألمت .. وتأملت بعض حياة الآخرين ..
منهم من استيقظ مستوطنا أحضان هذا الذي كان يستمتع بدفء قلبه.. فأبكاه الحنين، ومنهم من أدعى الحب واستمر لوقت ثمين، ثم انكشف الغطاء والقناع اللعين،
فلا أحد يبقى ... كلنا نسقط من أعلى أغصان تلك الشجرة ... نحن جميعا متساوون في الذبول وفي الحنين ..
وكم رأيت من عشاق كانوا كأوراق نباتية جميلة .. تنبت في إشراقة فجر الحب من جديد بقوة النور .. فقوة الحب، كقوة شروق النهار.. كلاهما مدعاة للأمل ..
وكل نهار ينبت الحب بقلوبنا ليحولنا لورقة شجر مفعمة بشغف الحياة ..
فما أجمل البشر على هيئة أوراق مسكونة بالحب ..
فنحن نعشق كورقة خضراء تمر بكل فصول الهوى .. لتنبت في ربيع العشق ونحيا فيه كل أوقات الشروق الصباحية الحانية .. ونقترب من وهج القمر حتى نتورط أكثر فأكثر في تلك العناقيد..
وعندما نتورط في الحب حيث نشعر أن سعادتنا أبديه وأن شريكنا كامل الأوصاف.
ثم يأتي صيف الحب تشتد فيه حرارة القلب.. وترتفع فيه درجة حرارة العشق..
فتتمدد داخل شريان قلب ساخن يمنح قلوبنا سمرة ذهبية لامعة تضئ الحياة من جديد حولنا ..
فنتعرف على شريكنا أكثر ونكتشف أنه غير كامل وعليه يجب أن نتقبل عيوبه فلا يصرعنا الإحباط وخيبة الأمل بل نحاول أن نتكيف مع شخصيته الحقيقية وأن نبذل جهداً مضاعفاً كي نحافظ على توازن مشاعرنا كي لا تهتز.
فيأتي الخريف وهو وقت ذهبي، غني، مشبع، نعيش فيه حباً أكثر نضجاً ونستمتع بالحب الذي حافظنا عليه.
ولكن تمر الحياة وتمضي الأيام وتنشأ الخلافات ليبدأ خريف العلاقة .. نهتز من أعماقنا حين تتغير المشاعر ونحارب واهمين اننا سننتصر ونبقى ..
فيلقى بنا القدر من أعلى أغصان الشجرة ونسقط سقوطاً نعاني منه مع كسرة قلب غير قابلة للتجبير .. فيسكننا الألم ذابلين كأوراق صفراء ممددة تحتضر.
حتى يأتي الشتاء بكل قوته يسحق ما تبقى منا على أرض الغرام بقسوة .. فيتركنا ممزقين يكسونا التألم والتأمل والحنين..
ويكون الشتاء هو وقت الراحة والتأمل نتيجة للتغيرات، إنه الوقت الذي ينقشع غطاؤنا وتبرز مشاعرنا المؤلمه فهو وقت النمو الانفرادي حيث نحتاج إلى أن ننظر إلى أنفسنا وليس إلى شريكنا، بحثنا عن الإنجاز الذاتي، هذا هو الوقت الذي يقضي فيه الرجال بياتاً شتوياً داخل كهوفهم بينما النساء تغطس إلى قيعان آبارهن.
إذن لماذا نقع في الحب اذا كنا سنهوى من أعلاه مكسورين القلب يوماً .. ويطلق على أحلامنا ذكريات .. وتتحول أيامنا الى سطر في القلب نقرأه لنتذكر قسوة شتاء الحب .. لا فرحة ربيعه؟!
وربما يدللك القدر فتسقط من على شجرة لتنبت على شجرة أخرى ، ويعيش قلبك كل فصول الحب مرات ومرات..
لذلك نجد كثيراً من حكايات الحب تكثر فى فصل الربيع خصوصا تلك التى تنشأ فى فترات نسيمية رائعة وتنتهى بانتهائها وفى أحيان قليلة تستمر بعد ذلك بفترات،
فالحب والربيع وجهان لعملة واحدة ألا وهى -المتعة، السعادة، الحياة-، فلنستمتع بالحياة وننطلق إلى رحلة الحب.
لكن بعد هذا الإنكفاء والانسحاب المؤقت يذهب الشتاء المظلم ويعود ربيع الحب من جديد بمشاعر الأمل والتجديد فبناءاً على الشفاء الداخلي والبحث الروحي للرحلة مع فصول الحب نكون قادرين على فتح قلوبنا ونشع بالحب ثانية.
إذن الحب فصوله هى سهل في الربيع لكنه عمل شاق في الصيف وفي الخريف تشعر أنك غني ومشبع ولكن في الشتاء تشعر بأنك فارغ.
واذا كانت أيامنا تحتمل، فندعو أن تكون قلوبنا أيضا يمكنها أن تصمد من جديد.
#حنان_أبو_زيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق