الأحد، 4 أغسطس 2019

الضياع.... قصة بقلم الأديبة المبدعة / حليمة الدهيري

كانت يافعة العود ، جميلة المحيا ، تلاحقها النظرات في الذهاب والإياب .
وكان جمالها الأخاذ  حديث كل من يعرفها، نهال فتاة عشرينية في مقتبل العمر .
كانت وحيدة والديها ، إزدادت لأبوين فقيري الحال وكانت عقدتهامنذ الصغر الباكر أن تنال كل شيء .
لم تفلح في دراستهاوانقطعت  عنها في سن مبكرة، والمعضلة الكبرى يلتقي الجهل والفقر، وهذا مازاد الطين بلة  وبصم حياتها  الجشع وعمل المستحيل لتحصل على كل ما تريده ولو بالطريق الخطأ
كبرت نهال وكبرت طلباتها  التي أصبحت تعجز كاهل والديها  وازدادت النقاشات  بين الأبوين ولَم يمهل القدر أباها. وكانت وفاته بسكتةقلبية  ولَم تعد الأم قادرة على كبح جماح ابنتها.
 وأطلق لها الحبل  على الواسع  .
غرتها الابتسامات والكلام المعسول ، وصدقت أن طابور المعجبين كلهم أزواج حلال يتمنون رضاها ، وَمِمَّا زاد الطين بلة  غرورها الذي أصبح يتطاول على الجميع ويطمح للغنى والسيارات  وصدقت ماقيل لها بأن مكانها مع الأكابر .ولَم يعد يرضي غرورها شبان الحي أو الثانوية .
وهكذا سرقتها الأضواء وتعرفت على مستويات أعلى ظنت للوهلة الاولى أنها وجدت ضالتها المنشودة فيهم .وذابت في أضواء حياتها الجديدة يتلقفها  سماسرة لحوم البشر ، وبين وعود كاذبة  وأحلام لن تتحقق  ....
سرقتها المتعة الكاذبة والشهرة الأفاقة ،   التقت به  كان من ذوي النفوذ   حقق لهاماتمنت ،أغواها بقصر السندريلا  ومجوهرات شوبارو (Chopard) وأغلى وأفضل العطور النسوية ( Weekend for Women bu burberry) وألفت الحياة البورجوازية  .ولإدمانها لم تعد تطلب الزواج خوفا  من انهيار ما بنته وما تعيشه . 
 وجدت نفسها ذات يوم بلا هوية... بلاعنوان . ضاع العمر وضاع الشباب وضاعت كل الأمنيات .. 
الضياع الذي عرفته نهال  كان اختيارا قاسيا ....
أعياها البحث  لتجد نفسها التي لم تعد تذكر منها الا البداية المرة،  والمضغة السائغة ، التي  ألقيت  لسباع البشر لتنهشها . 
فمابين فجر الأنوثة اليانع  وجماله ، وسن اليأس  ورذالته...وبين سن وسن كمنت الحكاية المرة .
  كانت عقارب الساعة تخطوا بطيئة لتذكرها بكل ما مر بها و وآستعصى ذوبان تلك اللحظات البائسة  ....
فالماضي  الذي كانت دائما تتمنى أن تهرب  منه وتنسى  كل تفاصيله  وقف لها بالمرصاد وأبى إلا ان تعاد القصة من جديد.... وكما يقولون : في بلادنا  الفقير  لا يستطيع الحب.   لأن الاغنياء اشتروا القلوب وبعثروا محتوياتها ....
لكل الرجال الذين يتفاخرون  برجولتهم....
 اصمتوا ولا تتكلموا  عن الرجولة يافاقديها  فأنتم لا زلتم تحبون في وحل المهانة تحت أمطار الرجال .... 
فعما قريب  لن تجدوها (الرجولة )وسيرد لكم الصاع صاعين .... إما في ابنتك ..... او اختك .....او زوجتك 
سارت الأيام رتيبة  ومع ذهاب الجمال والشباب وفِي غمضة عين وجدت نهال البساط يسحب من تحتها . وقبعت حبيسة المرض والفقر  تقتات ممايتصدق به المحسنين عليها إلى أن و جدت ذات مساء ميتة   في غرفتها المهجورة  التي التجأت لها في آخر الأمر عندما أطفأت عنهاأضواء الشهرة والجاه  وأصبحت تقتات من بقايا ما تفضل به الكرماء عليها .
بقلم : حليمة نور الدهيري

ليست هناك تعليقات:

مشاركة مميزة

أَبنائي الأَعزاءُ شُكرًا.. بقلم الأديبة د. حنان أبو زيد

أَبنائي الأَعزاءُ شُكرًا...  لِـكُلِّ مـا قَـدَّمتُموهُ لَـنا مِن أَلمٍ وَعَناء شُـكرًا لِـجَرحِ قُـلوبِنا بِـجَحدٍ وسخاء وَلِـكُل ما نُلناه...