تعتبر الحياة المدرسة الوحيدة التي تجدد مناهجها كل مدة ، وإن كان للحياة ثوابتها التي لا تتغير ، ومما نراه بأعيننا كل يوم في هذه الحياة ، يجعلنا نتسأئل عن مدلول ما نرى ، فمن المعتاد أن نرى أسر بها أب وأم وأولاد ، وهنا يأتي السؤال ماذا سيحدث لأسرة فقدت الأب في منتصف الطريق ، وماذا سيحدث لأسرة أخرى فقدت الأم أيضاً في منتصف الطريق ، والوضع الأصعب هو لأسرة وقد فقدت الأب والأم في منتصف الطريق ، والمقصود بمنتصف الطريق هنا أن الأبناء في سن الطفولة أو الصبى ، لا شك أننا أمام ظروف غير طبيعية ، تستلزم أن نرى ماذا قد تفعل بهم الحياة وماذا كان قدرهم ، ولا شك أن العناية الإلهية تحيط بكل خلق الله الموجودين في مُلك الله والذين إستدعاهم سبحانه وتعالى للعيش في مُلكهِ ، وكاتب القصة من الذين عاشوا هذه الظروف الإستثنائية منذ كان عمره لا يتعدى 18 سنه ، وهو شاهد على العناية الإلهية التى أحطته ومن حوله من أخوته ، خصوصاً عندما يرى أسر كاملة العدد وتتمتع بوجود الأب الراعي والأم الراعية ، ومع كل هذا التكامل الأسرى إلا أن الفشل لازم الأبناء ، وبفضل عناية الله وبفضل دعاء أم من قلبها قبل أن ترحل وبفضل دعاء أب وقبل أن يرحل أيضاً ، تم السير على أشواك الحياة ولم تجرح أرجل الأبناء ، وهنا يفرض هذا سؤال نفسه على العقل ، هل أسرة بلا أب تسير بنجاح أكثر من أسرة بلا أم أم العكس ، وهل الضياع هو نتيجة حتمية لأسرة فقدت أب وأم وتركت أبناء وهم بعد صغار ، وهل وجود أب ووجود أم ضماناً لنجاح التربية والتوجيه ، الإجابة لا تحتاج إلى علم بل تحتاج إلى رصد لواقع معاش ، رأينا أسر ومع فضل الله بوجود الأب والأم فإن بعض الأبناء قد تعسر في طريق الحياة ، وهناك أسر فقدت الأب العائل القيم عليها ، وأخذت الأم الدفة لدفع قارب الحياة وأستطاعت بالصبر وتوفيق الله أن ترسو بأولادها على بر الأمان ، وكبر الأولاد وتزوجوا وحسنت عيشتهم ، الذي لابد قوله أنه من يتوكل على الله المعين بصدق يتحقق له ما يريد ، قصت للكاتب سيدة متزوجة من رجل يدعي معرفته بالله دائماً يقول لها وهي كانت قد فقدت الأب منذ طفولتها ، (أنتِ تربية مره) وينسى أن من تربى جيداً يكون قد تربى على يد إمرأة ، وهذا الخلط في الفهم هو سبب الكثير من مشاكلنا ، رأيت أبناء في مراكز راقية قامت إمرأة وحدها بالتربية والتوجية ، مقارنة بأسر كاملة العدد ولكنها ناقصة الوعي والفهم ، وأسرة كانت قد فقدت الأم (عمود أي بيت) ، وأستطاع الأب بعد جهد جهيد الوصول بالأبناء إلى ما توافقنا عليه وهو بر الأمان ، ومازالت المقارنة حاضرة مع أسر كاملة العدد بلا تحقيق نجاحات ، ونأتي لأشد الأمور وهو أسر فقدت الأب والأم ، عندما يكون الأبناء أطفالاً وأكبرهم في عمر الثامنة عشر ، هنا لابد من سؤال من سوف يعين هؤلاء مهما كانت ظروفهم المادية أو العائلية؟ ، والإجابة لابد بداية القول العناية الإلاهية هي من سوف تعين وترعى هؤلاء ، وحتى يدرك الإنسان أن تحقيق النجاح لابد من توفيق الله له مع صدق السعي ، هذا القول عام للإنسان في كل مكان وكل زمان وفي كل الأديان ، حتى لا يقول محدود الفهم أن الكاتب يتكلم فقط عن المسلمين ، الله ياسادة خلق كل الخلق وخلق الأديان ، والإنسان حر في الإعتقاد ويقابل الله بإعتقاده ويحاسب عليه ، فلا تكره أحد على غير ما ذهب عقله به ، تحضرني قصة توماس أديسون المشهور بأنه مكتشف الكهرباء (الكهرباء واحد من الف إختراع وإكتشاف له) ، ترك أبوه البيت وذهب ، وتولت تربيته أمه وفي المدرسة رسب في الرياضيات 40 مرة ، وأخبره معلمه بضرورة حضور أمه ولية أمره ، وقال المعلم لأمه إبنك هذا فاشل فضحكت السيدة ، وقالت له نعم هناك فاشل ولكنه ليس إبني ، وهذا درس لا ينساه المعلم فإذا فشل التلميذ فالمسئولية على المعلم قبل التلميذ ، وحدث أن التاريخ لا يذكر هذا المعلم إلا وتهتم عليه ، ولم يذكر إسمه بل التاريخ يذكر "توماس أديسون" بكل إكبار وتقدير ، ومن قرأ كتاب العظماء مائه أعظمهم محمد ﷺ للباحث الأمريكي مايكل هارت ، نجده قد جعل توماس أديسون من العشرة الأوائل من عظماء التاريخ ، أي أن أم توماس أديسون قدمت للتاريخ أحد العظماء ، وهو بالمناسبة (تربية مره) كما يقول محدودي الفهم ، فالمرأة كما دائماً يقال عمود أي بيت ، وهناك سيدات فضليات حلمت وحدها عبأ الأسرة وقدمت للمجتمع المصري نماذج محترمة جداً أضاءت لنا الحياة .
♠ ♠ ♠ ا. د/ محمد موسى
♠ ♠ ♠ ا. د/ محمد موسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق